تابوت الميثاق


يا سيدي كل الحكاية أن سيدنا موسى وأخيه هارون لما ماتوا كان تاركين كل الحِكم والمواعظ المكتوبة والتوراة ووضعوها في "تابوت" اسمه تابوت الميثاق أو "تابوت السكينة" كما ذُكر في القرآن، كان بداخله عصا موسى اللي تحولت لثعبان مُبين قبل كما ذكر، والتابوت هذا مع شخص تلاهم في النبوة اسمه "يوشع" بن نون، واللي هو كان نفسه الغلام اللي ذكرت حكايته مع سيدنا موسى عند مجمع البحرين!.

المُهم أن في الفترة هذه بني اسرائيل كانوا في التيه اللي امتد لأربعين سنة، لحد ما مات منهم الناس اللي كانت مضللة وخايفين يدخلوا الأرض المقدسة وامتنعوا عن هذا بعد طلب سيدنا موسى، ونشأ جيل جديد من الإسرائيليين، واللي استطاع سيدنا "يوشع بن نون" أنه يخرجهم أخيرًا من التيه ده، وكان معاهم التابوت ..

التابوت هذا لم يكن تابوت عادي، لأ لا لا .. كان فيه سر عجيب أودعه الله به وهو السكينة فكان يكفي وجوده بينهم ليشعروا بالأمان والقوة والطمأنينة وكان كفيل وجوده للإسرائيليين بأنهم ينتصروا بالحروب ويفتحوا البلاد، كان تابوت مُعجزة بحد ذاته !.

استطاع النبي يوشع بن نون عليه السلام أنه يقود بني اسرائيل لغزو بيت المقدس، والزحف بجيشه نحو المدينة وبعهدته التابوت اللي كان سر الانتصار ..

توفى النبي "يوشع"وبدأ بني اسرائيل في الاضمحلال وبدأت رايتهم وقوتهم بالخفوت على الرغم من أن تابوت العهد وسطهم لكن فتوحاتهم انتهت وانهمكوا في قتل الأنبياء كي لا يقول لهم احد صح وغلط وعاشوا فترة ثانية من الفساد ، لحد ما جاء أحد ملوك العمالقة من الكنعانيين إسمه " جالوت" والعماليق كانوا عماليق بالفعل فكان يصل طول الواحد منهم لثلاثة أمتار وأي واحد فيهم قادر على سحق اللي امامه ببساطة شديدة، وفعلاً دخلوا وغزوا بيت المقدس وأخدوا من بني اسرائيل شيء مُقدس للغاية، الا .. وهو .. وشيء مؤكد .. ( تابوت السكينة ) أخدوه من وسطهم ومشوا !.

بعد ما بني اسرائيل فقدوا القوة والعزة وحل بيهم الضعف والهوان، وبعد ما كانوا يقتلون أي نبي يأتي لهم ، أصبحوا في مأزق حيث انقطع سير النبوة فيهم إلا من سيدة واحدة كانت هي من نسل الأنبياء، فأخذ الكهنة يدعوا الله أن يرزقها بالولد الذي يكون نبياً صالحًا عساه يُعيد لهم المجد الذي أضاعه "جالوت" وأهدره العماليق، وأستجاب الله فولدت نبي الله " صموائيل" واسمه يعني " استجابة الله" وعاش وسطهم حكم بينهم بالعدل وأعاد تعاليم التوراة، وعند إقتراب أجله طلبوا منه أن يُعين لهم ملكًا منهم يكون حاكمًا عليهم وقائدًا في استعادة بيت المقدس فأوحى الله إلى " صموائيل" ب "طالوت" ملكا..

هنا كانت المشكلة ...أمر "صموئيل" بني اسرائيل بأن يأخذوا عصا مُعينة من عصيانه وأنه الملك المنتظر من ساوى طوله طول تلك العصا وهكذا ساوت العصا طول واحد فقط كان ذو بسطة في بنيانه، يعني كان طويل جدًا واسمه "طالوت" والمشكله أنه لم يكن من سادة القوم، فعارض بني اسرائيل الفكرة تمامًا فكان "طالوت" يعمل كبستاني بسيط فكيف له أن يكون ملكًا على السادة، فأوحى الله علامة لملكه إن تابوت العهد يرجع اليهم، فوافقوا "صموئيل" على كلامه على مضض عسى أن يعود التابوت، وبالفعل ما أن صار طالوت ملكًا أنزل الله عليهم التابوت من السماء وكانت تحمله الملائكة وبالفعل صار طالوت ملك بني اسرائيل الجديد، بني اسرائيل الذين عادوا أقوياء يملكون تابوت العهد !.
●○●○●○●○●○●○○●
بدأ "طالوت" يجمع جيش قوي ويسلحه، ويخطب فيهم ويحمسهم حيث إنهم الان معاهم "تابوت السكينة" وبالفعل قدر يجمع اكتر من ٧٠ ألف جندي شاب قوي، وقرر انه يبدأ الزحف ناحية جيش العماليق، اللذي يقودهم الان رجل قوي جدًا اسمه "جالوت" ..

امتاز طالوت انه ذكي، يعرف بني إسرائيل جيدا"، ومُدرك مدى خوفهم وماديتهم، فقرر أنه يضعهم في اختبار بسيط ، كان في نهر ما بين فلسطين والأردن سيمرون عليه في سكتهم ، والجو كان حار جدًا والرطوبة عالية، والجنود عطشانة، فأصدر "طالوت" أمرًا عسكريًا بمقتضاه منع اي جندي يشرب من هذا النهر ، والذي سيشرب منه يكون مطرود خارج الجيش فورًا، إلا اللذي سيغترف "غرفة" بيده كي يُذهب عطشه!.

شرب معظم الجنود من النهر إلا عدد قليل منهم هو اللي صبر وأطاع الأمر، يُقال إن اللي فضل مع "طالوت" في حدود من ٦ آلاف ل ٤ آلاف جندي!.

كمل "طالوت" فيهم المسيرة ناحية جيش العماليق، وفعلاً وصلوا ووقف الجيشين في مواجهة بعض، مجموعة من الجنود الي فضلوا مع "طالوت" أول لما شافوا العماليق وقوتهم، وعددهم اللي أكيد اكبر من عدد بني إسرائيل خافوا وانسحبوا من الجيش و فضل "ثابت" طالوت ومن معاه لم يخافو..

خرج "جالوت" القوي العملاق يُطلب مُبارزة فردية رجل لرجل من بني إسرائيل، وهذا كان عُرف مُتبع في الحروب زمان، إنه يخرج واحد من اقوى الرجال هنا وواحد من أقوى الرجال هناك ويتقاتلون فيما بينهم بشكل فردي ..

تخيل هكذا وضع الفئة المتبقية من جنود بني إسرائيل بعد كل الي مروا به من تمسكهم بطاعة الملك "طالوت" وعدم الشرب من النهر وثقتهم في انهم رغم عددهم الصغير أنهم سينتصروا وزد على ذلك بهذا الوقت إنه هناك واحد منهم يخرج رجل لرجل أمام "جالوت" القوي وهذا من المؤكد سيضحي بنفسه!.

هنا خرج "طالوت" وقال للجنود الذي سيقتل "جالوت" سأزوجه ابنتي ومن بعدي يكون له المُلك، المهم كان شاب صغير وسط الجنود ، واسمه "داوُد" سمع الكلام فتقدم بجرأة وطلب إنه هو اللذي يبارز "جالوت" فأتاح له "طالوت" الفرصة بعد أن حذره !.

تقدم "داوُد" وكان معاه "مقلاعة" والتي هي "النبلة" لكنها أقوى بكتير وكانت هذه هي السلاح المنتشر للشباب والمراهقين عمومًا في الفترة هذه، فتقدم بها ومعاه خمس أحجار في جعبته ، يعني خمس فرص لا أكثر !.

وقف "داوُد" الصغير قدام "جالوت القوي العملاق، في الأول فضّل جالوت يتكلم ويستهزأ ببني إسرائيل والولد الصغير اللي هما باعتينه، وفي لحظات استخدم "داوُد" سلاحه البسيط ورماه بحجر في عينه، فسقط جالوت القوي، فتقدم "داوُد" وسحب السيف بتاعه منه، وبكل قوة وضعه في رأسه، وسط ذهول كل الحاضرين من بني إسرائيل أو العماليق، وبدأت المعركة وانهزم العماليق حيث اتقتل منهم اللي اتقتل وهرب منهم من هرب، ولما رجع بني إسرائيل أوفى"طالوت" بعهده ل "داوُد" والذي سيصير أول من يجمع بين النبوة والمُلك !.

المصادر ..

البداية والنهاية لابن كثير ..
تفسير الطبري .
القصص القرآني ومتوازياته التوراتية
#
●•°•°○•°●°°°○●°°•●○•°•○●○•°○○●○•°°
ورد ذكر التابوت في القرآن، في قصة طالوت، قال الله تعالى:  أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ  البقرة/246- 248

ويذكر المفسرون أن اسم النبي شمويل، أو إشمويل، وأن طالوت لم يكن من سبط المُلك ولا سبط النبوة ، فلهذا قال بنو إسرائيل:  أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ  .

فبيّن لهم نبيهم أن الله اصطفى طالوت وأعطاه بسطة ، أي زيادة في العلم والجسم ، فكان طويلا جميلا.

وبيّن لهم نبيهم أن آية استحقاق طالوت للملك : رجوع التابوت إليهم .

ولم يبين القرآن من شأن التابوت إلا أن فيه السكينة ، وبقية مما تركه موسى وهارون عليهما السلام، وأن الملائكة تحمله وتأتي به.

واختلف المفسرون في السكينة ما هي، فقيل: ريح، أو دابة كالهرة، أو طست من ذهب، أو روح من الله تكلمهم، أو ما يعرفون من الآيات فيسكنون إليها، أو الوقار، أو الرحمة.

وأما البقية مما تركه موسى وهارون، فقيل: رضاض من الألواح وعصى موسى، وقيل عصا موسى وعصا هارون وثيابهما، وقيل غير ذلك.

وقوله: (تحمله الملائكة) قال ابن الجوزي في تفسيره: " وفي المكان الذي حملته منه الملائكة إليهم قولان: أحدهما: أنه كان مرفوعاً مع الملائكة بين السماء والأرض، منذ خرج عن بني إسرائيل، قاله الحسن.

والثاني: أنه كان في الأرض.

وفي أي مكان كان؟ فيه قولان:

أحدهما: أنه كان في أيدي العمالقة قد دفنوه، قال ابن عباس: أخذ التابوت قوم جالوت، فذفنوه في متبرز لهم، فأخذهم الباسور، فهلكوا، ثم أخذه أهل مدينة أخرى، فأخذهم بلاء، فهلكوا، ثم أخذه غيرهم كذلك، حتى هلكت خمس مدائن، فأخرجوه على بقرتين، ووجهوهما إلى بني إسرائيل، فساقتهما الملائكة.

والثاني: أنه كان في برية التيه، خلّفه فيها يوشع، ولم يعلموا بمكانه حتى جاءت به الملائكة، قاله قتادة.

وفي كيفية مجيء الملائكة به قولان:

أحدهما: أنها جاءت به بأنفسها، قال وهب: قالوا لنبيهم: اجعل لنا وقتاً يأتينا فيه، فقال: الصبح، فلم يناموا ليلتهم، ووافت به الملائكة مع الفجر، فسمعوا حفيف الملائكة تحمله بين السماء والأرض.

والثاني: أن الملائكة جاءت به على عجلة وثورين، ذكر عن وهب أيضاً.

فعلى القول الأول: يكون معنى تحمله: تُقلّه، وعلى الثاني: يكون معنى حملها إياه:

تسببها في حمله.

قوله تعالى: إ(ِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُم)ْ، أي: علامة تدل على تمليك طالوت. قال المفسرون: فلما جاءهم التابوت وأقروا له بالملك، تأهب للخروج، فأسرعوا في طاعته، وخرجوا معه" انتهى من "زاد المسير" (1/ 225).

وليس في السنة ذكر التابوت ، ولا بيان ما كان فيه .

وما يروى عن المفسرين من الصحابة في ذلك ، إن صح عنهم : فالغالب أنه مما تلقوه عن أهل الكتاب .

قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله :

" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن التابوت الذي جعله آية لصدق قول نبيه صلى الله عليه = الذي قال لأمته: ( إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا ) = أن فيه سكينة منه، وبقية مما تركه آل موسى وآل هارون.

وجائز أن يكون تلك البقية: العصا، وكسر الألواح، والتوراة، أو بعضها، والنعلين، والثياب، والجهاد في سبيل الله = وجائز أن يكون بعض ذلك .

وذلك أمر لا يدرك علمه من جهة الاستخراج ولا اللغة، ولا يدرك علم ذلك إلا بخبر يوجب عنه العلم. ولا خبر عند أهل الإسلام في ذلك للصفة التي وصفنا.

وإذ كان كذلك، فغير جائز فيه تصويب قول وتضعيف آخر غيره، إذ كان جائزا فيه ما قلنا من القول." انتهى من "تفسير الطبري" (5/334) .

وقد ذكرت كتب التفسير تفاصيل كثيرة عن التابوت، وأن الله أنزله على آدم عليه السلام، وأنه تنقل بين الأنبياء حتى كان مع بني إسرئيل، ثم سلب منهم ؛ إلى آخر ما ذكر في ذلك .

وجاء عن ابن عباس: أن التابوت وعصا موسى في بحيرة طبرية.

ونحن يكفينا القدر الذي ذكره القرآن، وأن التابوت جاءت به الملائكة، وكان علامة على صحة ملك طالوت.

ولا يشغلنا أمر التابوت، ولا البحث عن تفاصيل ذلك، ما دام النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين أمره.

قال الشيخ محمد أبو شهبة رحمه الله: "والذي نقطع به، ويجب الإيمان به: أنه كان في بني إسرائيل تابوت - أي صندوق - من غير بحث في حقيقته، وهيئته، ومن أين جاء، إذ ليس في ذلك خبر صحيح عن المعصوم .

وأن هذا التابوت كان فيه مخلفات من مخلفات موسى وهارون - عليهما السلام - مع احتمال أن يكون تعيين ذلك في بعض ما ذكرنا آنفا .

وأن هذا التابوت كان مصدر سكينة وطمأنينة لبني اسرائيل، ولا سيما عند قتالهم عدوهم، وأنه عاد إلى بني إسرائيل، تحمله الملائكة، من غير بحث في الطريق التي حملته بها الملائكة .  وبذلك: كان التابوت آية دالة على صدق طالوت في كونه ملكا عليهم .

وما وراء ذلك من الأخبار التي سمعتها: لم يقم عليها دليل" انظر: "الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير" (ص243).

ونسوق هنا أمرين يدلان على فضيلة عدم الاشتغال بهذه التفاصيل:

الأول: روى الإمام أحمد (14736) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ ، فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَضِبَ فَقَالَ :  أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؛ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي  " والحديث حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (6/ 34).

وإذا كان هذا في الكتاب بجملته، فكيف بالاهتمام بتفاصيل قصة من قصصه!

فأهل الإيمان قد أغناهم الله تعالى عن هذه الكتب ، وعن قصصها ، بما أنزله في القرآن وأوحاه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، مما يحتاج إلى بذل الجهد والوقت لتعلمه والانتفاع به، فهم في شغل عن التوراة وقصصها.

وقد ذكرتِ أنك حديثة عهد بإسلام، فينبغي أن يكون اهتمامك بحفظ القرآن الكريم ، وتعلم العلم وتحصيل الفضائل والدرجات.

الثاني: أن الصحابة لما وقفوا على جثة دانيال دفنوه وأخفوا قبره، حتى لا يفتن الناس به؛ لحرصهم على نقاء التوحيد، وتعليق القلوب بربها تبارك وتعالى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " روينا في مغازي محمد بن إسحاق من زيادات يونس بن بكير عن أبي خلدة خالد بن دينار، حدثنا أبو العالية قال: " لما فتحنا تستر وجدنا في بيت مال الهرمزان سريرا عليه رجل ميت، عند رأسه مصحف له، فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر رضي الله عنه ، فدعا له كعبا ، فنسخه بالعربية، فأنا أول رجل من العرب قرأه قراءة ، مثلما أقرأ القرآن هذا .

فقلت لأبي العالية: ما كان فيه؟ قال: " سيرتكم وأموركم ولحون كلامكم، وما هو كائن بعد ".

قلت: فما صنعتم بالرجل؟ قال: " حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبرا متفرقة، فلما كان بالليل دفناه، وسوينا القبور كلها لنعميه على الناس ؛ لا ينبشونه " .

فقلت: ما يرجون منه؟ قال: " كانت السماء إذا حبست عنهم برزوا بسريره فيمطرون ".

فقلت: من كنتم تظنون الرجل؟ قال: " رجل يقال له دانيال " .

فقلت: منذ كم وجدتموه مات؟ قال: " منذ ثلاثمائة سنة ".

قلت: ما كان تغير منه شيء؟ قال: " لا، إلا شعيرات من قفاه، إن لحوم الأنبياء لا تبليها الأرض، ولا تأكلها السباع ".

ففي هذه القصة : ما فعله المهاجرون والأنصار من تعمية قبره، لئلا يفتتن به الناس، وهو إنكار منهم لذلك" انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/ 199).

والظن بالصحابة أنهم لو وقفوا على التابوت لدفنوه، منعاً من افتتان الناس وتعلقهم به.

وما يقوله بعض اليهود اليوم : إن التابوت موجود تحت المسجد الأقصى، أو تحت قبة الصخرة، هو من جملة أكاذيبهم التي يروجونها في سعيهم لهدم المسجد المبارك ، صانه الله من مكرهم وكيدهم .

والله أعلم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ها حبيبي - كاظم الساهر